بدأت تلك الدقائق بلحظات من التوتر العنيف نتيجة العدد الهائل من السيناريوهات لما سيحدث بعد قليل، سيناريوهات ستجعل ألفريد هيتشكوك يموت بحسرة من طلب داش بلايند و طلع معاه آس القطوع ... حسنا ... بعيدا عن تلك الهرتلة .... وقف هو يعد الدقائق والثوانى ووحدات الوقت التى لم تكتشف بعد، وعينه تتنقل بين ساعته و باب ذلك المبنى. لا يكاد يدرك أن كل من يمر به يعلم يقينا أنه واقفا منتظرا فتاه إستعدادا لموعدهما الأول.
تيك ... توك ... تيك ... توك ... عقارب الساعة تجرى فى سباق نتيجته محسومة.
"لنركب نحن إحدى آلات الزمن و نقدم الوقت عشرات الدقائق لنعطيها فرصة تعديل الطرحة ووضع بعض طلاء الوجه... نمر الآن بمعبر آينشتاين وروزن ... حسنا ... وصلنا ... فلينزل الجميع و أعطونى دقيقتين أركن الآلة."
حين وصلت كانت هى تنزل أخر درجات من السلم فى دلال غير معهود ... توقفى ... أين الطرحة و المكياج ؟ ... يبدو أننا ظلمناها ...
نعود الآن إلى ذلك المعتوه الذى لولا الرسالة القصيرة -التى لم نراها تصل إلى تليفونه المحمول بسبب رحلتنا القصيرة- لكان تعمد الوقوف أمام أحدى سيارات النقل العام فى طريقه إلى المنزل. بدأت تلك اللحظة عندما مرت عبر بوابات هيلمز ديب ليستطيع رؤيتها و هى تعبر حقول القمح. ويبدو أن الكون تناغم معهما فاختفى كل شيئ، العمارات و الأبراج، أسوار المدارس وواجهات المحلات، السيارات المركونة و شبه المركونة، الواقفين فى بلكوناتهم و المشاه حتى عم عبده البواب. تحولت تلك الأرض الأسفلتية التى تتخللها المطبات إلى نجيلة خضراء تتخللها بعض سنابل القمح. فى حين ظلت هى تعدو تلك المسافة بينهما.
"و هنا يجب أن نحمد الله أن الغزل الصريح حرام و إلا لكان العالم كله سمع عنى عندما وصفنى دانتى كملك الدائرة الثانية من الجحيم"
اقتربت ليستطيع تبين ملامحها بدقة، نظر إلى عينيها اللاتى تملأهما أنقى قطرات من بئر زمزم، وانتظر يسمع صوت أنفاسها الذى يجعل صوت زقزقة العصافير يبدو كالتلوث السمعى.
و ننسحب نحن عند هذه النقطة لنترك هذين الكناريا ليبدءا رحلتهما معا بعيدا عن أعيننا الحاسدة.
No comments:
Post a Comment